روسيا ورهانات التحول
مقدمـة :
شهدت روسيا تحولات سياسية واقتصادية عميقة انتقلت باقتصادها من الاقتصاد الموجهإلى اقتصاد السوق.- فأين تتجلى مظاهر هذه التحولات؟- وما هي مرتكزاتها ونتائجها؟
І – المؤهلات الطبيعية والخصائص البشرية لروسيا:
1 - مميزات الوسط الطبيعي:
يغلب على تضاريس روسيا طابع الانبساط، ويشكل نهر إينيسي فاصلا بين أهم السهول الممتدة غربا(سهول سيبيريا الغربية) والتي تتخللها مستنقعات والهضاب الممتدة شرق النهر والتي هي عبارة عن صخور قديمة، أما الجبال فتتكون من كتل قديمة تمثلها سلسلة جبال الأورال وجبال حديثة مرتفعة بالشرق تخترقها البراكين.تقع معظم أراضي روسيا بأقصى شمال الكرة الأرضية، مما يجعلها منفتحة على المؤثرات القطبيةالباردة والجافة، حيث تقل درجة الحرارة عن الصفر في كثير من المناطق وتستمر موجات الصقيع عدة شهورفي السنة.تؤثر الظروف الطبيعية على توزيع استعمال الأراضي بروسيا الاتحادية، حيث لا تتجاوز نسبة الأراضي الزراعية 7.5% في حين تغطي الغابات 40% والمروج والمراعي 17%. (أنظر المبيان الصفحة 128)
2 - الخصائص البشرية:
يصل عدد سكان روسيا حوالي 144.5 مليون نسمة، تبلغ نسبة القادرين على العمل 71.3%، معظمهم يشتغل في قطاع الخدمات (65%) يتوزعون بشكل متفاوت بالبلاد (متوسط الكثافة 815 ن/كلم2) مع استقرار أغلب السكان بالقسم الغربي الأوربي، وتعتبر العاصمة موسكو أهم المدن.
ІІ – مظاهر التحولات بروسيا ونتائجها:
1 - التنظيم الاقتصادي:
كان الاتحاد السوفياتي نموذجا للاقتصاد الاشتراكي المبني على التوجيه والتخطيط المركزي والتنظيم التعاوني، حيث كانت كل وسائل الإنتاج بيد الدولة.بعد تفكك الاتحاد تخلت روسيا عن الاشتراكية ونهجت سياسة اقتصاد السوق والمبادرة الحرة و سياسة الخوصصة والليبرالية وتحرير القطاع التجاري والانفتاح على الخارج مع تحويل المقاولات العمومية الكبرى إلى شركات مساهمة بعد سن سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية. (أنظر الخطاطة الصفحة 129 - الجدول 130)
2 - النتائج الاقتصادية والاجتماعية:
أدت التحولات الاقتصادية التي عرفتها روسيا إلى تبعيتها للبلدان المجاورة في الميدان الصناعي، فر تحقيقه للاكتفاء الذاتي في بعض المواد الأولية بفضل ثرواته الطبيعية، فإنه يضطر لاستيراد بعض المعادن (الكْروم والمنغنيز)، لكن تبعيته تتجلى أساسا في مجال المنتوجات المصنعة والتجهيزية.نتج عن التحرر الفجائي والجذري للاقتصاد الروسي انعكاسات سلبية على السكان، حيث انتشرت البطال (12% من مجموع السكان) وتراجعت رتبة البلاد على مستوى التنمية البشرية، كما أصبح 28% من السكانيعيشون تحت عتبة الفقر، كما تزايد التفاوت الطبقي، وانتشرت ظواهر اجتماعية خطيرة كالتسول والجريمة.
ІІІ – خصائص الاقتصاد الروسي بعد التحول الليبيرالي:
- القطاع الفلاحي:
تنوعت المنتوجات الفلاحية، واعتمدت أساسا على زراعة الحبوب (85 مليون طن سنويا)، والمزروعات الصناعية (الشمندر 14.6 مليون طن - القطن 58 مليون طن)، كما عرف الإنتاج الحيواني تطورا مهما خاصة تربية خفيفة للأغنام بالغرب الروسي (14.5 مليون رأس) والخنازير (15.9 مليون رأس).
- القطاع الصناعي:
استرجعت روسيا مكانتها في إنتاج مصادر الطاقة، حيث أصبحت تحتل المرتبة الأولى عالميا في إنتا الغاز الطبيعي (584 مليون متر3) والمرتبة الثالثة في إنتاج البترول (348.1 مليون طن)، كما تم الاستمرار في تطوير الطاقة النووية (106.1 مليار كيلوواط في الساعة).تطور إنتاج مختلف أنواع المعادن الضرورية للإنتاج الصناعي، حيث أصبحت روسيا تحتل المرتبة الأولى في إنتاج النيكل (250 ألف طن) والثانية في الألمنيوم (3200 ألف طن) والرابعة في الحديد (59 ألف طن) مما أدى إلى تطور مجموعة من أنواع الصناعات كالصلب والكيماويات والصناعات الخفيفة.
- القطاع التجاري:
تزايدت قيمة الصادرات، حيث بلغت 134.4 مليار دولار سنة 2003، في حين تراجعت قيمة الواردات إلى 74.8 مليار دولار، مما يبين قوة التجارة الروسية، وتشكل مصادر الطاقة أهم الصادرات (44%) تليها المعادن(1.5%). بالإضافة إلى المنتوجات الصناعية والتجهيزية والأسلحة وبعض المواد الفلاحية.
خاتمـة:
رغم المشاكل التي تواجهها روسيا بفعل التحولات الكبرى التي تعيشها فإنها تحاول مواجهة هذه التحديات.
ملخص الدرس
І- تتميز روسيا بتنوع الظروف الطبيعية والبشرية:
1- انبساط التضاريس وقساوة المناخ:
تتميز تضاريس روسيا بانبساطها وتتخللها سهول شاسعة مثل سيبريا الغربية والسهل الروسي، إضافة بعض الهضاب وأهمها سيبريا الوسطى، في حين تتنوع الجبال بين الحديثة في الشرق ويتجاوز ارتفاعها 4800 م، وكتل قديمة في الغرب على شكل جبال متوسطة (جبال الأورال). أما المناخ فيطغى عليه الطابع القاري البارد حيث تنخفض الحرارة عن صفر درجة معظم فترات السنة (خريطة ص:122).
2- بطء النمو وسوء التوزيع السكاني:
يزيد عدد سكان روسيا عن 144 مليون نسمة، وتميز نموهم بالتراجع منذ الستينات حتى بلغ 0.39- % سنة 2003 حيث بلغت نسبة الولادات 10.1 ‰ في حين بلغت نسبة الوفيات 14‰ ولذلك يتميز الهرم السكاني بقلة الصغار وارتفاع نسبة القادرين على العمل والشيوخ، ومن جانب آخر يتميز التوزيع السكاني بالتفاوت، فيستقر معظم السكان في الجزء الأوربي بالغرب حيث تزيد الكثافة عن 50 نسمة/ كلم² في حين تقل الكثافة بالشرق والشمال عن 1 نسمة/ كلم².
ІІ- شهدت روسيا عدة تحولات:
ــ تحولات تنظيمية: مر النظام الروسي بثلاث مراحل أساسية: (مبيان ص:124)
أـ المرحلة الاشتراكية: استمرت منذ 1917 إلى 1985 وتتميز بالملكية الجماعية لوسائل الإنتاج وهيمنة الحزب الوحيد.
ب- مرحلة البريسترويكا: امتدت منذ 1985 إلى 1991 في عهد الرئيس غورباتشوف وتتميز بدمقرطة الحياة السياسية وإدخال تغييرات اقتصادية تنبني على الشفافية أو الغلاسنوست.
جـ- مرحلة اقتصاد السوق: انطلقت منذ 1991 عقب تفكك الاتحاد السوفياتي واستقلال روسيا، وتقوم على خوصصة القطاعات الاقتصادية وحرية التعبير والتعددية الحزبية.
ــ تحولات مجالية: تتجلى في تفكك الاتحاد السوفياتي واستقلال روسيا كأكبر جمهورية منذ 1991.
ــ تحولات اقتصادية: شهد الاقتصاد الروسي عدة تحولات منذ 1991 حيث انخفض الإنتاج الفلاحي والإنتاج الصناعي والناتج الداخلي الخام، نتيجة تراجع التشغيل في القطاعات العمومية، مقابل تطور التجارة الخارجية وارتفاع نسبة التشغيل في القطاع الخاص وشبه العمومي نظرا للاعتماد على الاستثمارات الأجنبية.
ــ تحولات ديموغرافية: تتجلى في تراجع نسبة الخصوبة وانخفاض نسبة الولادات مقابل ارتفاع نسبة الوفيات مما يؤدي إلى تناقص السكان.
ІІІ- تعاني روسيا من عدة صعوبات:
ــ طبيعية: تساهم شدة البرودة وكثرة الثلوج بالمناطق الشرقية والشمالية في منع استغلال السهول الشمالية الشاسعة، وضعف الكثافة السكانية، وقلة طرق المواصلات وبالتالي صعوبة استخراج الثروات المعدنية والطاقية. ومن جانب آخر تساهم كثرة الصناعات بالجزء الغربي في تلوث البيئة.
ــ اقتصادية: أدى تفكك الاتحاد السوفياتي سنة 1991 إلى تشتت المناطق الصناعية بين الجمهوريات المستقلة، فأصبحت روسيا تابعة للدول المجاورة في مجال المنتوجات التجهيزية ونصف المصنعة.
ــ اجتماعية: منذ سنة 1991 انتشرت ظاهرة البطالة لتشمل 12% من السكان خلال سنة 1998 وتفاقمت الفوارق الاجتماعية وأصبح حوالي 28% من السكان يعيشون تحت عتبة الفقر، وانتشرت الانحرافات السلوكية كالتسول والجريمة المنظمة وتجارة المخدرات.
0 التعليقات:
إرسال تعليق